الخوف من الفشل، أسبابه و تأثيره و علاجه و كيفية التعامل معه.
باعتباره واحدًا من أقدم و أقوى العواطف البشرية، يلتصق الخوف بجذور عميقة في وجدان الإنسان. إنه شعور قائم على البيولوجيا والنفس والثقافة، يمتزج بتدرجات مختلفة من التوتر و القلق، ويستفز خيالنا بأسوأ السيناريوهات الممكنة. وبينما يُعتبر الخوف تجربة شخصية فريدة لكل فرد، فإنه يتشارك فيه الجميع بمراحل مختلفة من حياتهم.
ومن أنواعه "الخوف من الفشل". لكن قبل أن نبدأ بالتفرع فيه علينا أولاً معرفة ما هو الخوف و ما هو الخوف من الفشل.
الخوف : هو حالة نفسية تنشأ عندما يشعر الشخص بتهديد أو خطر ما على سلامته أو سعادته. إنه رد فعل طبيعي للأوضاع التي تعتبر مخيفة أو محتملة للأذى. يمكن أن يكون الخوف رد فعلًا فوريًا على تهديد محدد، أو يمكن أن يكون نتيجة للقلق المستمر بشأن مواقف أو أحداث معينة.
الخوف من الفشل : هو القلق الشديد الذي يصاحب محاولة شخص ما لتحقيق هدف أو إنجاز مهمة معينة. حيث يشعر الفرد الذي يعاني من هذا النوع من الخوف بأنه قد يفشل في تحقيق أهدافه و يكون ذلك مصدر قلق . الشخص يخشى عواقب الفشل، مثل فقدان الثقة بالنفس أو فقدان فرص مستقبلية.
هذا النوع من الخوف يمكن أن يكون عائقًا كبيرًا للشخص، حيث يمكن أن يمنعه من تحقيق إمكانياته وتحقيق أهدافه. فالخوف من الفشل قد يؤثر على اتخاذ القرارات و التحفيز و التقدم في الحياة. لذلك يعتبر التغلب على هذا النوع من الخوف ضرورة مهمة لتحقيق النجاح.
بالنسبة لبعض الناس، الخوف يجعلهم يحافظون على تركيزهم. ولكن إذا منعهم هذا الخوف من تحقيق أفضل ما لديهم، فقد يكون هذا قد تطور إلى رهاب.
فالخوف من الفشل معروف عالميًا على أنه رهاب، و يتم تعريفه على أنه شعور غير عقلاني بالخوف من شيء أو موقف معين. لكن هذا النوع من الرهاب تتراوح شدته من الخفيف إلى الشديد. و يرتبط الخوف من الفشل أيضًا بالقلق أو اضطراب المزاج الذي يؤثر على الصحة العقلية للفرد و نوعية حياته.
يمكن أن يكون سبب الخوف غير العقلاني من الفشل هو حدث صادم مر به الشخص في الماضي، و جعلته هذه التجربة المؤلمة أن يشكك في قدراته ، و يعتقد أنه ليس جيد بما يكفي لتجربة أشياء جديدة. و يبقي الشخص محصوراً في منطقة الراحة الخاصة به، مما يمنعه ذلك من المضي قدما في الحياة. السؤال المطروح الآن هو كيف تتغلب على الخوف من الفشل و ترتقي بنفسك نحو النجاح :
قد يكون الخوف من الفشل أيضًا مرتبطًا بكونك تسعى إلى الكمال. نظرًا لأن الباحثين عن الكمال لديهم توقعات عالية بشأن الكيفية التي يتوقعون بها أن تنتهي الأمور، فقد يشعرون بخوف مزعج من أنهم لن يرقوا إلى مستوى تلك المعايير العالية غير الواقعية في كثير من الأحيان.
في هذا المقال سنناقش علامات الخوف من الفشل و أسباب هذا الخوف. كما سنكتشف معًا العلاجات التي يمكن أن تساعدك و تمنع هذا الخوف من إعاقتك.
خصائص الخوف من الفشل
الخوف من الفشل يمكن أن يؤدي إلى أعراض عاطفية و سلوكية. بعض العلامات الشائعة لهذا الخوف نذكر منها :
- القلق
- التهرب
- الشعور بفقدان السيطرة
- العجز
- الضعف
بالإضافة إلى الأعراض العاطفية والسلوكية، قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من الخوف من الفشل أيضًا من أعراض جسدية بما في ذلك سرعة ضربات القلب، وضيق الصدر، والارتعاش، والدوخة، والدوار، والتعرق، ومشاكل في الجهاز الهضمي.
التعرف على الخوف من الفشل
قد يؤثر الخوف من الفشل على الأشخاص بعدة طرق، مما يعني أنه ليس من السهل دائمًا تحديده. إليك بعض الطرق التي قد يشعر بها الأشخاص بالخوف من الفشل ما يلي:
- تعتقد أنك لا تملك المهارات أو المعرفة الكافية لتحقيق شيء ما.
- تشعر بأنك لن تتمكن من تحقيق أهدافك.
- المماطلة لدرجة أنها تؤثر على أدائك أو قدرتك على الانتهاء في الوقت المحدد.
- تخبر الناس أنك ربما ستفشل حتى تظل التوقعات منخفضة.
- تُقَلِّلْ من قدراتك لتتجنب الشعور بالخذلان.
- تقلق من أن عيوبك ستجعل الآخرين ينتقصون منك.
- تقلق من أنك ستخيب آمال الآخرين فيك إذا فشلت.
في بعض الحالات، قد يدفع الخوف من الفشل الأشخاص إلى تجنب المحاولة تمامًا. ولأنهم خائفون جدًا من أنهم سيحاولون و لن ينجحوا، فإنهم ببساطة يقررون عدم المحاولة على الإطلاق لتجنب الألم المحتمل أو الإحراج أو خيبة الأمل.
أسباب الخوف من الفشل
الخوف من الفشل يمكن أن يكون له مجموعة واسعة من الأسباب. نذكر من بعض الأسباب المحتملة ما يلي:
التربية الإنتقادية :
قد يكون الأشخاص الذين ينشأون في أسر شديدة الانتقاد أو غير داعمة أكثر عرضة للخوف من الفشل. ولأنهم شعروا بأنهم لن يتمكنوا أبدًا من الارتقاء إلى مستوى توقعات أسرهم خلال مرحلة الطفولة، فقد يستمرون في الخوف من ارتكاب الأخطاء عندما يصبحون بالغين.
علم الوراثة :
العوامل الوراثية أيضًا تؤثر على القلق و المخاوف. إذا كان أحد أفراد عائلتك يعاني أيضًا من حالات القلق، فقد تكون أكثر عرضة لتطور المخاوف و القلق عندك.
الكمالية :
الخوف من الفشل ينبع أحيانًا من الكمالية. عندما يكون لدى الأشخاص معايير عالية للغاية، غالبًا ما يبدو أنه لا يوجد شيء يرقى إلى مستوى توقعاتهم. وهذا يشمل أدائهم و إنجازاتهم. ولأنهم يخشون عدم الوصول إلى المعايير العالية التي وضعوها، فقد يشعرون بخوف شديد من الفشل.
الصدمات :
الأشخاص الذين عانوا من فشل صعب أو حتى مؤلم قد يكونون أيضًا خائفين جدًا من تكرار تلك التجربة في المستقبل.
على سبيل المثال، قد يساهم التعرض لنوبة ذعر أثناء العرض التقديمي أو التعرض للسخرية بسبب أدائك في مشاعر الخوف. العواقب السلبية الناتجة عن الفشل، مثل فقدان الوظيفة أو عدم الالتحاق بالجامعة، يمكن أن تكون أيضًا عوامل خطر تساهم في الخوف من الفشل.
في حين أن الجميع قد يخافون من الفشل من وقت لآخر، إلا أن الأمر يصبح أكثر خطورة عندما يعيق ذلك قدرتك على متابعة أهدافك و تحقيق الأشياء التي ترغب في تحقيقها في الحياة.
تأثير الخوف من الفشل
يمكن أن يؤثر الخوف من الفشل على إيمان الشخص بذاته و قدراته و دوافعه لتحقيق أهدافه.
تدني احترام الذات :
الأشخاص الذين يخشون الفشل قد يدخلون في حديث سلبي مع أنفسهم و تصبح ثقتهم بأنفسهم منخفضة، مما يجعل من الصعب عليهم تحقيق الأهداف.
الإفتقار للدافع :
عندما يخشى الناس الفشل، فقد يعانون أيضًا من نقص الحافز الذي يجعل من الصعب البدء في المشاريع والعمل نحو تحقيق الأهداف. عندما يبدو الأمر صعبًا للغاية أو يتضمن تعلم مهارات جديدة، فقد يستسلم الأشخاص ببساطة أو يرفضون المشاركة فيه.
الخجل
الخوف من الفشل غالبًا ما ينبع من الخوف من التعرض للخجل أو الإحراج. قد يؤدي الفشل إلى إثارة مشاعر عدم القيمة، لذا فإن تجنب المحاولة في المقام الأول يمكن أن يكون في بعض الأحيان بمثابة وسيلة لحماية النفس من خيبة الأمل والندم والحزن.
علاج الخوف من الفشل
يعتمد علاج الخوف من الفشل على مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك كيفية تجربة هذا الخوف وتأثيره على حياتك. في كثير من الحالات، يمكن للأشخاص استخدام استراتيجيات المساعدة الذاتية للتعامل مع هذه المشاعر.
إذا كان خوفك من الفشل يعيق قدرتك على العمل بشكل طبيعي، فمن المهم التحدث إلى أحد المتخصصين. قد تشمل خيارات العلاج للخوف من الفشل ما يلي:
العلاج النفسي :
يمكن أن يساعدك العلاج النفسي على معالجة الأفكار و العواطف و السلوكيات التي تساهم في الخوف من الفشل. العلاج السلوكي المعرفي هو نوع من العلاج الذي يساعد الأشخاص على تحديد و تغيير أنماط التفكير السلبية التي تساهم في مشاعر الخوف.
العلاج بالأدوية :
يمكن وصف الأدوية لمساعدتك في إدارة مشاعر القلق أو الاكتئاب التي قد تكون مرتبطة بخوفك. يمكن وصف الأدوية المضادة للإكتئاب والقلق.
في كثير من الحالات، قد يكون الجمع بين العلاجين النفسي و الأدوية مع تغيير نمط الحياة هو الأكثر فعالية.
التعامل مع الخوف من الفشل :
هناك أيضًا إستراتيجيات عديدة التي يمكنك استخدامها من شأنها مساعدتك في تقليل مشاعر الخوف من الفشل.
نذكر منها :
النظر للنتائج :
في بعض الأحيان، عند التفكير في أسوأ النتائج الممكنة، ثم وضع خطة محكمة لكيفية التعامل معها قد يساعدك في تقليل القلق عندما تسعى إلى تحقيق أهدافك.
ركز على الأشياء التي يمكنك التحكم فيها :
بدلًا من القلق بشأن جوانب المواقف التي لا يمكنك السيطرة عليها، ركز طاقتك على الأشياء التي يمكنك التحكم فيها.
خطط مسبقا :
عندما تواجه تحديًا قد يثير خوفك من الفشل، اعمل على تطوير خطط بديلة في حالة عدم سير جهودك الأولية كما هو مخطط لها. إن وجود خطة بديلة (أو خطة ج) يمكن أن يساعدك على الشعور بقدر أقل من القلق وأكثر أمانًا.
إعادة تعريف الفشل
إن تغيير طريقة تفكيرك في الفشل قد يساعد أيضًا في تقليل مشاعر الخوف لديك. الفشل جزء من الحياة ويمكن أن يكون فرصة مهمة للتعلم واكتساب مهارات جديدة.
قد يكون الأمر مخيبًا للآمال بالتأكيد، ولكن من المهم الحفاظ على منظور صحي تجاه الفوائد المحتملة للفشل من وقت لآخر. تذكر أن النجاح يتم الوصول إليه غالبًا من خلال سلسلة من الإخفاقات التدريجية التي تؤدي إلى معلومات و مهارات و استراتيجيات جديدة.
تقبل الفشل
بالنسبة للكثيرين منا، يعتبرون الفشل وسمة عار أوخسارة أو بمعنى آخر كل تلك المشاعر التي صعب أنك تتحملها، و لكن هناك وجه آخر للفشل. بالرغم من أن الفشل قد يبدو مدمرًا في تلك اللحظة، إلا أنه درسًا قيما يساعدك على التعلم و هو أيضا فرصة للنمو.
في الواقع، يمكننا القول أن أولئك الذين يعانون من الفشل يصبحون أقوى من أولئك الذين لا يفعلون شيء. ومع ذلك، فتقبلنا له ضروري للإستفادة من تجاربنا الفاشلة .
كلما أردت القيام بشيء ما دون التأكد من النتيجة، فهيئ نفسك لإحتمال الفشل. على الرغم من كل تخطيطاتك، لا شيء يسير دائما وفقًا لخطتك. لذلك، عندما تهيئ نفسك لإحتمال الفشل، فإنك تصبح عرضة للخطر، عندها إذا رأيت أن هذا الطريق يؤدي إلى الخزي و الإقصاء، فسوف تظل في عقلية الخوف. لذلك، عليك أن تجعل ضعفك هذا طريق للإبداع و التغيير و النمو و ليس الإستسلام . هذا ما سيجعل التغلب على خوفك من الفشل أسهل بكثير.
قبول الفشل كجزء من العملية سيخفف من رهبته و يجعلك أكثر استعدادًا للمضي قدمًا.
في النهاية، الخوف من الفشل هو شعور طبيعي يمكن أن يؤثر على أي شخص. و يمكنك التغلب عليه بتغيير أفكارك و تعاملك معه و تقبله، الفشل ليس نهاية العالم، بل هو فرصة للنمو و التحسن.
أكتب تعليقاً إذا كان لديك أي تساؤل عن الموضوع :